فرنسا/أليتيا(aleteia.org/ar)ليس من السهل علينا دوماً أن نزور قريباً محتضراً لأننا قد لا نعرف أي موقف نتخذه تجاهه.
عمّ يجب أن نحدّثه؟ عن المطر والطقس الجميل، عن أنفسنا أم عنه؟! تختلف ردود فعلنا أمام مريض محتضر بحسب مزاجنا وعلاقتنا بالمريض ودرجة قبولنا الموت. وقد نشعر بالانزعاج أو بالقلق الشديد، ما يمنعنا من التصرف على طبيعتنا عندما نزوره.
روت مونيك دوران وود في كتاب عنونته “التعزية” أحداث الأيام الأخيرة في حياة فتى في الثامنة من عمره، واصفةً مواقف أقاربه. كانت أمه تصلي وتتأمل قربه معبرةً له عن حبها الذي يشكل قوة كبيرة لها وله. وكان خاله يتصرف كما لو أن حياة الصغير ستعود إلى مجراها الطبيعي بعد محنته، ويحدثه عن المستقبل. أما الممرضات فكنّ يخبرنه قصصاً لتسليته. وصفت الكاتبة أربعة مواقف مختلفة أمام المريض المحتضر: الصلاة، الحديث المفعم بالمحبة والحقيقة، الإنكار والتسلية. هذه المواقف بشرية كلها، وما من موقف “جيد”. لكن هذه الأمثلة تساعدنا أن نحدّد كيف نحب أن نتصرف أمام هذه المحنة.
يسوع يحثنا على زيارة المرضى. “كنتُ مريضاً فزرتموني”. بدوره، يقول الراهب البندكتي أنسيلم غرون أن زيارة المريض تعني البحث عنه لاكتشاف مكانه وإيجاده فعلياً وإظهار الاهتمام به. يدعو الراهب كل زائر إلى الاهتمام بالمريض والنظر إليه فعلياً وبعمقٍ لأن من لا ينظر إلى الآخر كما هو لا يبحث عنه.
أمام المرض، لا نجد كلمات التعزية. في هذا الوضع، ينصح الأب أنسيلم بأن يُعطى المريض فرصة التحدث بنفسه عن مرضه ومخاوفه وآماله. ويدعو إلى الإصغاء إليه لمعرفة أحواله ومحنته. فأحياناً، نتفاجأ أن المريض متصالح مع مرضه! إذاً، يجب أن نسمح له بأن يعبر عما يشعر به وأن نعزيه بحضورنا. وهناك بعض المرضى الذين لا يتفوهون بكلمة، لكنهم يعلمون أننا بقربهم. يكفي مثلاً أن نمسك بيدهم لنواسيهم!
عمّ نتحدث؟ يختار البعض منا التحدث عن المطر والطقس الجميل، والأحداث السياسية أو الاقتصادية الراهنة لتلطيف الأجواء. لكن هذا يُترجِم أحياناً رغبةً في حماية أنفسنا من الألم الذي قد تسببه مواضيع شخصية. في هذه الدوامة، لا يجرؤ أحد على الاهتمام فعلاً بالآخر!
لتكن الأيام الأخيرة في حياة مريض محتضر فرصة للتحدث معه بعمق، وطمأنته بشأن مستقبل الأشخاص الذين يتركهم وراءه، والصلاة معه، والتعبير له عن الحب لمنحه القوة والثقة أمام الموت، ومشاطرة إيماننا بحياة أبدية نكون فيها متحدين بالمسيح أكثر من أي وقت مضى.